الاحد الاول من ايليا: (لوقا 18: 25 – 19: 10)
رجلان من اريحا ينالان الخلاص من يسوع:
الاعمى وزكا
تفسير الخوراسقف فيليكس الشابي
الاعمى: رجلان يخلتفان لا بل هما على النقيض من حالتها المادية. الاول فقير والثاني مترف. اجتماعيا: كلاهما يعيشان على الهامش. الاعمى لا يعترف به الناس لانه فقير وغير مثقف (عموما) ويلح بطلب المعونة بطبعه (لهذا يسكته الناس)، فتراه يعيش يومه هامشيا، على قارعة الطريق.
زكا: ثري جدا، ومكروه جدا ايضا، لان امواله معتبرة مسروقة من بني جلدته من اليهود، ولانه عميل للرومان. فهو معتبر كخائن وسارق في نفس الوقت. وكلمة "عشّار" كانت كافية لتعبر عن كل هذا! زكا ايضا بالتالي مهمش من المجتمع، والناس تحاول تجنبه لانه يركض ورائهم دائما ويحاول سرقة اموالهم...
الهامشيين: في اكثر من مناسبة يسوع يذكّر بانه ما جاء لاجل الاصحاء بل المرضى، لا لاجل الاقوياء بل الضعفاء. وهذه المدينة -اريحا- شهدت مظاهر كثيرة للقوة والضعف في ان واحد. من كان قويا متسلطا، كسر اللـه كبريائه (صدقيا وهيرودس) ومن كان متواضعا رفع اللـه من شأنه (مثل ايليا النبي والاعمى وزكا).
البحث والايجاد: نفهم من المثل ان الرجلان هما اللذان يبحثان عن يسوع، ولكن الحقيقة هي انه هو الذي يبحث عن الهامشيين الواقعين تحت براثن الخطيئة والعوق والضعف...
رغم هتاف الجماهير وصخبهم وهم محاطين بيسوع، فانه يتوقف عند سماعه مستجيبا. لا بل بمجرد شعوره بوجود انسان ضعيف بحاجة الى عطف وحنان وخلاص فانه يتوقف... يتوقف للاعمى بعد ان يصر ويلح بان يطلب شيئا من يسوع. لربما اسكته الناس لاعتقادهم بانه سيطلب منه مالا او شيئا ما، لكنه أبهرهم بطلبه من يسوع بكل ايمان وخشوع وتوسل "نعمة البصر" فنال الايمان والرؤية معا.
اما زكا، فقبل ان ينطق بكلمة او مطلب شعر يسوع بالجهد والعناء الذي بذله زكا، من ركضه الى المكان.. وتلسقه للشجرة... وانتظار وصول الرب... هكذا كافأه يسوع بزيارة لن ينساها، اذ كسر الجمود الذ بينه وبين الجماهير وانفتحت ابواب الايمان على مصراعيها لهذا الرجل المسكين (اليوم صار الخلاص لهذا البيت).
خلاصة: اتى يسوع ليخلصنا، مهما كان حالنا او وضعنا، فنحن بحاجة الى يسوع، فقراء كنا ام اغنياء... ولكن هناك شرط مهم كي تتم عملية الخلاص هذه. ان نقوم نحن ايضا بمسيرة البحث عن اللـه ونتحمل مشقة المحاولة.
فهل نحن ساعون لاجل خلاصنا، هل نحاول الوصول الى يسوع، بكل الطرق والوسائل. ام اننا (مُتَرَّهين) نقول لا يهم اليوم بل غدا ساصلي.. وغدا ساعمل الخير للناس.. وغدا ساذهب للكنيسة.. وغدا ساصبح انسانا جديدا.. وغدا ساترك العادة الفلانية السيئة... خوفي من ان هذا الغد لن يأتي ابدا، لاننا نعتقد اننا ابطال خالدون، ولكن اللـه هو وحده الخالد!
الكنيسة تناشدنا ان نسارع ونثابر لكسب خلاصنا، مثل الاعمى وزكا، علينا ان نركض من اجل خلاصنا فلا نتماهل ولا نتهاون لان الغد بيد اللـه ولا نعرف ماذا سيكون مصيرنا غدا.